يَـا دَارَ مَيَّـةَ بالعَليْـاءِ ، فالسَّنَـدِ |
أَقْوَتْ ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِـفُ الأَبَـدِ |
وقَفـتُ فِيـهَا أُصَيلانـاً أُسائِلُهـا |
عَيَّتْ جَوَاباً ، ومَا بالرَّبـعِ مِنْ أَحَـدِ |
إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْيـاً مَـا أُبَـيِّـنُـهَا |
والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومـةِ الجَلَـدِ |
رَدَّتْ عَليَـهِ أقَـاصِيـهِ ، ولـبّـدَهُ |
ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَـاةِ فِي الثَّـأَدِ |
خَلَّتْ سَبِيـلَ أَتِـيٍّ كَـانَ يَحْبِسُـهُ |
ورفَّعَتْهُ إلـى السَّجْفَيـنِ ، فالنَّضَـدِ |
أمْسَتْ خَلاءً ، وأَمسَى أَهلُهَا احْتَمَلُوا |
أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَـى عَلَى لُبَـدِ |
فَعَدِّ عَمَّا تَرَى ، إِذْ لاَ ارتِجَـاعَ لَـهُ |
وانْـمِ القُتُـودَ عَلَى عَيْرانَـةٍ أُجُـدِ |
مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحـضِ ، بَازِلُهَـا |
لَهُ صَريفٌ ، صَريفُ القَعْـوِ بالمَسَـدِ |
كَأَنَّ رَحْلِي ، وَقَدْ زَالَ النَّـهَارُ بِنَـا |
يَومَ الجليلِ ، عَلَى مُستأنِـسٍ وحِـدِ |
مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُـهُ |
طَاوي المَصِيرِ ، كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَدِ |
سَرتْ عَلَيهِ ، مِنَ الجَـوزَاءِ ، سَارِيَـةٌ |
تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيـهِ جَامِـدَ البَـرَدِ |
فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ ، فَبَاتَ لَـهُ |
طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ |
فبَـثّـهُـنَّ عَلَيـهِ ، واستَمَـرَّ بِـهِ |
صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَـاتٌ مِنَ الحَـرَدِ |
وكَانَ ضُمْرانُ مِنـهُ حَيـثُ يُوزِعُـهُ |
طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَـرِ النَّجُـدِ |
شَكَّ الفَريصةَ بالمِـدْرَى ، فَأنفَذَهَـا |
طَعْنَ المُبَيطِرِ ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَـدِ |
كَأَنَّه ، خَارجَا مِنْ جَنـبِ صَفْحَتِـهِ |
سَفّودُ شَرْبٍ نَسُـوهُ عِنـدَ مُفْتَـأَدِ |
فَظَلّ يَعْجُمُ أَعلَى الـرَّوْقِ ، مُنقبضـاً |
فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ ، غَيرِ ذِي أَوَدِ |
لَمَّا رَأَى واشِـقٌ إِقعَـاصَ صَاحِبِـهِ |
وَلاَ سَبِيلَ إلـى عَقْـلٍ ، وَلاَ قَـوَدِ |
قَالَتْ لَهُ النَّفسُ : إنِّي لاَ أَرَى طَمَـعاً |
وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَسلَـمْ ، ولَمْ يَصِـدِ |
فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ ، إنَّ لهُ فَضـلاً |
عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى ، وفِي البَعَـدِ |
وَلاَ أَرَى فَاعِلاً ، فِي النَّاسِ ، يُشبِهُـهُ |
وَلاَ أُحَاشِي ، مِنَ الأَقوَامِ ، مِنْ أحَـدِ |
إلاَّ سُليـمَانَ ، إِذْ قَـالَ الإلـهُ لَـهُ |
قُمْ فِي البَرِيَّة ، فَاحْدُدْهَـا عَنِ الفَنَـدِ |
وخيّسِ الجِنّ ! إنِّي قَدْ أَذِنْـتُ لَهـمْ |
يَبْنُـونَ تَدْمُـرَ بالصُّفّـاحِ والعَمَـدِ |
فَمَـن أَطَاعَـكَ ، فانْفَعْـهُ بِطَاعَتِـهِ |
كَمَا أَطَاعَكَ ، وادلُلْـهُ عَلَى الرَّشَـدِ |
وَمَـنْ عَصَـاكَ ، فَعَاقِبْـهُ مُعَاقَبَـةً |
تَنهَى الظَّلومَ ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَـدِ |
إلاَّ لِمثْـلكَ ، أَوْ مَنْ أَنـتَ سَابِقُـهُ |
سَبْقَ الجَوَادِ ، إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَـدِ |
أَعطَـى لِفَارِهَـةٍ ، حُلـوٍ تَوابِعُـهَا |
مِنَ المَواهِـبِ لاَ تُعْطَـى عَلَى نَكَـدِ |
الوَاهِـبُ المَائَـةِ المَعْكَـاءِ ، زَيَّنَـهَا |
سَعدَانُ تُوضِـحَ فِي أَوبَارِهَـا اللِّبَـدِ |
والأُدمَ قَدْ خُيِّسَـتْ فُتـلاً مَرافِقُـهَا |
مَشْـدُودَةً بِرِحَـالِ الحِيـرةِ الجُـدُدِ |
والرَّاكِضاتِ ذُيـولَ الرّيْطِ ، فانَقَـهَا |
بَرْدُ الهَوَاجـرِ ، كالغِـزْلاَنِ بالجَـرَدِ |
والخَيلَ تَمزَعُ غَرباً فِي أعِنَّتهَا كالطَّيـرِ |
تَنجـو مِـنْ الشّؤبـوبِ ذِي البَـرَدِ |
احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ ، إِذْ نظـرَتْ |
إلـى حَمَامِ شِـرَاعٍ ، وَارِدِ الثَّمَـدِ |
يَحُفّـهُ جَـانِبـا نِيـقٍ ، وتُتْبِعُـهُ |
مِثلَ الزُّجَاجَةِ ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَـدِ |
قَالَتْ : أَلاَ لَيْتَمَا هَـذا الحَمَـامُ لَنَـا |
إلـى حَمَـامَتِنَـا ونِصفُـهُ ، فَقَـدِ |
فَحَسَّبوهُ ، فألفُـوهُ ، كَمَا حَسَبَـتْ |
تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُـصْ ولَمْ تَـزِدِ |
فَكَمَّلَـتْ مَائَـةً فِيـهَا حَمَامَتُـهَا |
وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِـي ذَلكَ العَـدَدِ |
فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ وَمَـا |
هُرِيقَ ، عَلَى الأَنصَابِ ، مِنْ جَسَـدِ |
والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ ، تَمسَحُـهَا |
رُكبَانُ مَكَّةَ بَيـنَ الغَيْـلِ والسَّعَـدِ |
مَا قُلتُ مِنْ سيّءٍ مِمّـا أُتيـتَ بِـهِ |
إِذاً فَلاَ رفَعَتْ سَوطِـي إلَـيَّ يَـدِي |
إلاَّ مَقَـالَـةَ أَقـوَامٍ شَقِيـتُ بِهَـا |
كَانَتْ مقَالَتُهُـمْ قَرْعـاً عَلَى الكَبِـدِ |
إِذاً فعَـاقَبَنِـي رَبِّـي مُعَـاقَـبَـةً |
قَرَّتْ بِهَا عَيـنُ مَنْ يَأتِيـكَ بالفَنَـدِ |
أُنْبِئْـتُ أنَّ أبَـا قَابُـوسَ أوْعَدَنِـي |
وَلاَ قَـرَارَ عَلَـى زَأرٍ مِـنَ الأسَـدِ |
مَهْلاً ، فِـدَاءٌ لَك الأَقـوَامُ كُلّهُـمُ |
وَمَا أُثَمّـرُ مِنْ مَـالٍ ومِـنْ وَلَـدِ |
لاَ تَقْذِفَنّـي بُركْـنٍ لاَ كِفَـاءَ لَـهُ |
وإنْ تأثّـفَـكَ الأَعـدَاءُ بالـرِّفَـدِ |
فَمَا الفُراتُ إِذَا هَـبَّ الرِّيَـاحُ لَـهُ |
تَرمِـي أواذيُّـهُ العِبْرَيـنِ بالـزَّبَـدِ |
يَمُـدّهُ كُـلُّ وَادٍ مُتْـرَعٍ ، لجِـبٍ |
فِيهِ رِكَـامٌ مِنَ اليِنبـوتِ والخَضَـدِ |
يَظَلُّ مِنْ خَوفِـهِ ، المَلاَّحُ مُعتَصِـماً |
بالخَيزُرانَة ، بَعْـدَ الأيـنِ والنَّجَـدِ |
يَوماً ، بأجـوَدَ مِنـهُ سَيْـبَ نافِلَـةٍ |
وَلاَ يَحُولُ عَطـاءُ اليَـومِ دُونَ غَـدِ |
هَذَا الثَّنَـاءُ ، فَإِنْ تَسمَعْ بِـهِ حَسَنـاً |
فَلَمْ أُعرِّضْ ، أَبَيتَ اللَّعنَ ، بالصَّفَـدِ |
هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُـنْ نَفَعَـتْ |
فَـإِنَّ صَاحِبَـها مُشَـارِكُ النَّكَـدِ |